في خمس آيات "21-25":
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴿٢١﴾ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ ۖ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّـهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴿٢٢﴾ وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّـهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴿٢٣﴾ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا وَلَن تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ۖ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ﴿٢٤﴾ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقًا ۙ قَالُوا هَـٰذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ ۖ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا ۖ وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ ۖ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴿٢٥﴾) البقرة: 21 -25
1- الأركان الثلاثة للعقيدة الإسلامية:
في هذه الآيات الخمس تسمع نداء قويا موجها إلى العالم كله بثلاثة مطالب:
1- أن لا تعبدوا إلا الله ولا تشركوا به شيئا.
2- أن آمنوا بكتابه الذي نزله على عبده.
3- أن اتقوا أليم عذابه، وابتغوا جزيل ثوابه.
هذا المطالب الثلاثة هي الأركان الثلاثة للعقيدة الإسلامية، تراها قد بسطت مرتبة على ترتيبها الطبيعي. من المبدأ، إلى الواسطة، إلى الغاية. وترى كل واحد من الركنين الأولين قد أقيم على أساس من البرهان العقلي القاطع لكل شبهة.
أما الركن الثالث فقد جيء به مجردا عن هذا النوع من البرهان، ولكنه نفخ فيه من روح الإلهاب وتحريك الوجدان بالتحذير والتبشير ما يسد في موضعه مسد البرهان.
على أنك إذا أنعمت النظر في هذا الركن وجدته في غنى عن برهان جديد بعد تقرر سابقيه، إذ هو منهما بمنزلة النتيجة المنطقية من مقدماتها.
أرأيت لو أن ملكا عظيم السلطان نافذ الحكم وجه إليك سفيرا يحمل رسالة منه، وأيقنت أن الذي بيد السفير هو كتاب الملك المختوم بخاتمه، أكان يعوزك برهان جديد لتحقيق ما يحويه الكتاب من عجيب الأنباء والنذر، بعد ما وقر في نفسك من العلم بأنه كلام من إذا قال صدق، وإذا وعد أنجز؟!
فكذلك ترى الحديث هنا عن السمعيات جيء به مفرعا على ما تقرر في أمر النبوات، وبضرب من التخلص هو غاية في الحسن والبراعة،
{فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا وَلَن تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ } .