نظرات جديدة في القرآن
الكريم

القرآن في الأصل مصدر على وزن فعلان بالضم، كالغفران والشكران والتكلان.

المؤلف
محمد بن عبد الله دراز
اكتشف الكتاب

تصفح جميع أقسام الكتاب

من أين جاء به محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم؟

لقد علم الناس أجمعون علما لا يخالطه شك أن هذا الكتاب العزيز جاء على لسان رجل عربي أمي ولد بمكة في القرآن السادس الميلادي، اسمه محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله.. هذا القدر لا خلاف فيه بين مؤمن وملحد؛ لأن شهادة التاريخ المتواتر به لا يماثلها ولا يدانيها شهادته لكتاب غيره ولا لحادث غيره ظهر على وجه الأرض.

أما بعد، فمن أين جاء به محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم؟ أمن عند نفسه ومن وحي ضميره، أم من عند معلم؟ ومن هو ذلك المعلم؟

نقرأ في هذا الكتاب ذاته أنه ليس من عمل صاحبه، وإنما هو قول رسول كريم، ذو قوة عند ذي العرش مكين، مطاع ثم أمين: ذلكم هو جبريل -عليه السلام- تلقاه من لدن حكيم عليم، ثم نزله بلسان عربي مبين على قلب محمد -صلى الله عليه وسلم

الفصل الثاني

في بيان مصدر القرآن الكريم

البحث عن مصدر القرآن الكريم

الفصل الثالث

بيان أن القرآن لا يمكن أن يكون إيحاء ذاتيا من نفس محمد -صلى الله عليه وسلم: الأمر أمامنا أوضح من أن يحتاج إلى سماع هذا الاعتراف القولي منه صلى الله عليه وسلم، أو يتوقف على دراسة تلك الناحية الخلقية من تاريخه.

أليس يكفي للحكم ببراءة الإنسان من عمل من الأعمال أن يقوم من طبيعته شاهد بعجزه المادي عن إنتاج ذلك العمل؟

فلينظر العاقل: هل كان هذا النبي الأمي -صلوات الله عليه- أهلا بمقتضى وسائله العلمية لأن تجيش نفسه بتلك المعاني القرآنية؟

سيقول الجهلاء من الملحدين: نعم؛ فقد كان له من ذكائه الفطري وبصيرته النافذة ما يؤهله لإدراك الحق والباطل من الآراء، والحسن والقبيح من الأخلاق، والخير والشر من الأفعال ..

حتى لو أن شيئا في السماء تناله الفراسة أو تلهمه الفطرة أو توحي به الفكرة لتناوله محمد بفطرته السليمة وعقله الكامل وتأملاته الصادقة.

نحن قد نؤمن بأكثر مما وصفوا من شمائله، ولكننا نسأل: هل كل ما في القرآن مما يستنبطه العقل والتفكير، ومما يدركه الوجدان والشعور؟ اللهم كلا، ففي القرآن جانب كبير من المعاني النقلية البحتة التي لا مجال فيه للذكاء والاستنباط، ولا سبيل إلى علمها لمن غاب عنها إلا بالدراسة والتلقي والتعلم.

ماذا يقولون فيما قصه علينا القرآن من أنباء ما قد سبق، وما فصله من تلك الأنباء على وجهه الصحيح كما وقع؟

أيقولون: إن التاريخ يمكن وضعه أيضا بإعمال الفكر ودقة الفراسة؟ أم يخرجون إلى المكابرة العظمى فيقولون: إن محمدا قد عاصر تلك الأمم الخالية ...

قراءة المزيد
الحقائق الدينية الغيبية
لا سبيل للعقل إليها:

فأما أمر الدين فإن غاية ما يجتنبه العقل من ثمرات بحثه المستقل فيه، بعد معاونة الفطر السليمة له، هو أن يعلم أن فوق هذا العالم إلها قاهرا دبره، وأنه لم يخلقه باطلا، بل وضعه على مقتضى الحكمة والعدالة، فلا بد أن يعيده كرة أخرى؛ لينال كل عامل جزاء عمله؛ إن خيرا وإن شرا.

الفصل الرابع

البحث في الأوساط البشرية عن ذلك

لا مناص إذا للباحث عن مصدر القرآن من توسيع دائرة بحثه، فإذ لم يظفر بمطلبه عند صاحب القرآن في ناحية عقله وفراسته، وجب أن يلتمسه -وأن يظفر به حتما- في ناحية تعليمه ودراسته؛ لأن المتكلم بكلام ما لا يعدو أن يكون قائلا له أو ناقلا. ولا ثالث لهما.

نعم؛ إن صاحب هذا القرآن لم يكن ممن يرجع بنفسه إلى كتب العلم ودواوينه، لأنه باعتراف الخصوم كما ولد أميا نشأ أميا وعاش أميا، فما كان يوما من الأيام يتلو كتابا في قرطاس ولا يخطه بيمينه، فلا بد له من معلم يكون قد وقفه على هذه المعاني لا بطريق الكتابة والتدوين بل بطريق الإملاء والتلقين، هذا هو حكم المنطق.

سنقول: فمن هو ذلك المعلم؟ نقول: هذا هو الشطر الثاني من مسألة القرآن.

وأنت إذا تأملت فيما سقناه لك من البراهين على الشطر الأول وجدت بجانب كل منها برهانا آخر على هذا الشطر الثاني، وعرفت من ذلك المعلم؟ غير أننا نحب أن نزيدك به معرفة؛ حتى تقول معنا فيه: : "ما هذا بشرا، إن هذا إلا ملك كريم، مبلغ عن رب العالمين".

قراءة المزيد

محمد أخذ القرآن عن معلم

البحث في جوهر القرآن نفسه عن حقيقة مصدره

إننا في هذا المنهج الذي سلكناه من أول البحث إلى هذا الحد ل
لم نرد أن نعرض للقرآن في جوهره، بل كان قصارى ما صنعناه أننا درسنا الطريق التي جاء منها

قراءة المزيد